عناوين المواضيع

اعلن على الصفحة

‏إظهار الرسائل ذات التسميات على ضي الشموع. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات على ضي الشموع. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

على ضي الشموع - الجزء الثاني



في الجزء الماضي من سلسلة على ضي الشموع تناولت بشكل موجز بعض الكتب التي قرأتها والتي كانت متنوعة من حيث الشكل الأدبي والمضمون حتى في التسلسل الزمني ما بين مذكرات شخصية أو نقد أدبي أو روايات  واعترف أنني في هذا العام ابتعدت بشكل كبير عن القراءة نتيجة للمناخ السياسي الملوث بكثير من الغبار الذي أعمى العيون والقلوب والذي بدورة أدى  إلى تمزق جسد الأمة وجعلها بلا كيان وفى مهب الريح التي تكاد تمزقها لولا رحمه الله _ عز وجل _ علينا بأنها دائما وبإذنه مصونة تحتاج فقط إلى نزع الخلافات والمصالح الضيقة كي تنهض وتصبح كنانة الله في أرضه
وأعود إلى القراءة تلك الواحة التي تأخذك ولو بشكل مؤقت إلى عالم أرحب وكأنك امتلكت آله الزمن كي تعود بك إلى أزمنة وأحداث في الماضي البعيد وتجعلك قريب منها وكأنك كنت ممن عاشوا فيها .
أول الكتب التي قرأتها كان من الأدب الروسي وهو كتاب ( بطل من هذا الزمان) للكاتب ميخائيل ليرمونتوف  وهو شاعر روسي كبير عاش في فترة الثورة الروسية وعرف بأنه كاتب مسرحي ألف رواية (بطل من هذا الزمان) في ثلاثينات القرن الماضي وهى عبارة عن مذكرات شخصية تضمنها أثناء رحلته في القوقاز الروسي  وترجم الكتاب إلى معظم لغات العالم  وكان بطل هذة الرواية كما يصفه ليرمونتوف (انه صورة تضم رذائل جيلنا كله) اى أن الكاتب أراد إسقاط بعض النقد الشديد على الفترة والأشخاص الذين عاشوا الثورة الروسية والذين تأثروا واثروا فيها بالسلب وبالإيجاب وكان الجانب الأخلاقي ذو شان كبير في تلك المعادلة بين الثورة والمجتمع.

كانت رحلة البطل في القوقاز رحلة شاقة نتيجة للحياة الجبلية والمناخيه التي تعيشها تلك البلاد لكنها كانت مليئة بالقصص والروايات والمواقف
وفى رحلة البطل الى منطقة جبلية فى القوقاز تسمى (كويشاؤورى ) وكانت منطقة تميل كل الميل إلى الشرق من حيث التقاليد والعادات لأن معظم سكانها من الشركس الذين يدينون في مجملهم إلى الديانة الإسلامية وكان من أهم الأشخاص التي قابلهم وسمع عنهم (بيلا) تلك الفتاة التي كانت في ريعان شبابها تمتلك من الجمال ما لم تمتلكه 
امرأة أخرى في تلك المنطقة كانت في مكانة عائلية كبيرة حيث كان والدها من أثرياء المنطقة وذو خلق وأصول عريقة وكانت بيلا تمتلك جمال الغرب ودفئ الشرق ومحبة لما حولها فاتنة لمن يراها و ومن هؤلاء الأشخاص الذين فتنوا بها  كان (كازبنش) ذلك الصعلوك الذي هام في الجبال يعيش حياة العصابات والمجرمين لكنه في حبة لبيلا نسى كل شئ وتدفق في عروقه هذا العشق الذي سلب منه حياتة في عالم العصابات إلى عالم الغرام والعشق والهيام وكان يمتلك حصان لم يمتلكة احد في تلك المرتفعات الجبلية من حيث المهارة والطاعة العمياء وكان دائما محور القصص والحكايات على ألسنة العامة فى تلك الجبال وكأنه بطل من زمن أخر او أسطورة فوجدنا انه كما سلبت (بيلا) عقل ووجدان (كازبنش) سلب حصان (كازبنش) عقل ووجدان (عزمت) اخو بيلا وكان يريد أن يصبح هذا الحصان ملكة حتى لو دفع اى شئ لكي يمتلكة وكان بين هؤلاء الثلاثة (بتشورن) هذا العاشق الصامت لبيلا والذي استغل عشق كازبنش لبيلا وعشق عزمت لحصان كازبنش ليختار الوقت المناسب لمخططة ألا وهو خطف بيلا الذي يعشقها ولا يستطيع الوصول لها نتيجة للفروق المادية والاجتماعية فدعى كازبنش إلية واتفق مع عزمت على تسليم أخته في حال تسليمه حصان كازبنش وبالفعل استطاع (بتشورن) أن يخدع كازبنش ويسكره ويخطف حصانة واقنع عزمت أخته للخروج لتنزة وقام بتسليمها لبتشورن وأتموا ما اتفقوا علية ولكن نتيجة لهذا الاتفاق هام هؤلاء الأربعة فى بحور عميقة من الحزن لم يجدوا لها مرسى إلا الضياع.
 فنجد (بيلا) التي تربت على الأصول والتقاليد السليمة تغرق في بحور حزنها على والدها الذي التصق به العار نتيجة لخطفها ولكن بيلا وبرغم من دموعها قد نبت الحب لبتشربن بداخلها  الذي بدورة  أراد ان يفني حياتة كلها لترضى عنه بيلا والتي كانت تبادله الحب الصامت لكنها لم تبح به حتى خطفتها الدنيا وماتت بين دموعه وأحزانه التى لم تفارقه طيلة حياتة فقد عاش (بتشرين) حياة كئيبة لم يرى فيها إلا الأحزان وبيلا التي تتجسد له فى كل شي أما (كازبنش) فقد هام فى بحور الأحزان بين فقده لبيلا وفقده لحصانة واستوطن الكرة داخلة أكثر فأكثر وأصبح لا يرى العالم إلا موطن الشرور أما (عزمت) فقد فقد احترامه لنفسه واحترام الآخرين فسقط فى مستنقع الكراهية من الجميع وكراهيته لنفسه التي كان لا يرى إلا هي بعيدا عن اى احد فكان ذلك الطفل المدلل الذي باع الدنيا وممن حوله من اجل لعبة يستمتع بها نفسه  .
كانت تلك أحدى القصص فى رواية (بطل من هذا الزمان ) والرواية فيها أكثر من قصة لكنى ذكرت ملخص قصير ومعاني مهمة لتلك القصة بالذات.
 أما ثاني تلك الكتب التي قرأتها كان رائعة أملى برونتى ( مرتفعات وذرنج) تلك الرواية التي أخذت من الشهرة ما لم تبلغة رواية أخرى وترجمت لجميع اللغات وقدمت لأكثر من فيلم سينمائي اختلف من لغة لأخرى ومن بلد لبلد.
 وقيمة هذا العمل يكمن في أبداع صاحبتها وهى أحدى الأخوات في عائلة برونتى الخالدة فقد امتلكت العائلة ثلاث من الأخوات لم يختلفن في حياتهن وإبداعاتهن عن بعض حتى في حالتهن الصحية فقد ماتوا جميعا فى سن مبكر  لكن أعمالهمن خلدت أسمائهمن فى سماء الإبداع .
فقد خُلدت املى برائعة (مرتفات وذرنج) اما اختها (آن) خلدت برواية (أجنسى جراى) وأختها الثالثة(شاروت) خلدت برائعة(جين آير) والغريب في أمر إبداع هؤلاء تلك الحالة النادرة من العزلة التي تعرضن لها فقد كان أبوهم قس يعيش في منطقة بعيدة عن الحياة الحضارية ومع ذلك أبدع خيال هؤلاء تلك الروايات الخالدة بعيدة عن المعايشة والاختلاط فكانت أبدعاتهن بهذا الوحي الفني الرائع والجميل بل أصبحت أعمالهن  من أسس التي بنيي عليها الأدب الانجليزى على مر التاريخ.

تبدأ القصة بالسيد لوكوود الساكن جديد في ثراشكروس جرانج، وهو بيت كبير في مروج يوركشير، والذي استأجره من السيد هيثكليف، وهو مكان قريب من مرتفعات ويذرينغ. في أول يوم يقضي السيد لوكوود ليلته في بيت هيثكليف، ويشاهد حلما مريعا : شبح كاثرين ايرنشو، يترجاه أن يسمح له بالدخول. يسأل السيد لووكود مدبرة المنزل السيدة نيللي دين، وهنا تبدأ أحداث القصة عن الثلاثين سنة الماضية بأسلوب البلاى باك على لسان المربية التي عاشرت هذه العائلة ورأت أجيالها المتعاقبة وعرفت طباعهم وكانت قريبة جدا منهم.
كانت أسرة السيد إيرنشاو تتكون من أثنين من الأبناء كاثرين وهيندلي وخادم عجوز يسمى جوزيف وبجوار هذا البيت يقع بيت أسرة لينتون وكان يتكون من ابن هو ايدجار وأخته إيزابيلا وكانت الأجواء هادئة مستقرة إلى أن سافر السيد ايرنشاور كعادتة إلى لندن لمتابعة أعمالة لكن الأمر لم يكن في تلك المرة كسابقة من الرحلات فقد عاد الاب ليس وحيدا لكنه عاد ومعه طفل لقيط وجده السيد هناك وكان اسمه هيثكليف هذه الشخصية محور الرواية كلها فقد تحول الأمر برمته من الهدوء إلى ما يشبه الأمواج العاصفة فقد تعامل الأب مع هيثكليف معاملة جيدة جداً وتعاملت أيضا كاثرين بهذا القدر لكن هيندلى لم يتعامل بهذا القدر فقد رأى فى هثكليف خاطف بعض الحب والعطف من أبوة وهو لا يستحقه لكن الأمر استمر في الهدوءالنسبي أثناء حياة الأب نتيجه لتعنيفه هيندلى لو اقترب من هثكليف بالفظ او بالضرب لكن الأمر تبدل بعد وفاة الأب وتعامل هيندلى مع هيثكليف كالخادم يذيقة الكثير من العذاب وكانت كاثرين تقف لجانب هيثكليف وكان هيثكليف يتحمل الكثير لغرامة بكاثرين التي كانت تبادله الشعور حتى لو كان عطفا أو حباً وكانت ترى فى حياته ولهوه معه تحرر كانت تريده في تلك الحياة الهادئة الرتيبة التي تتنافى مع شخصيتها المتحررة وكانت نقطة التحول الأعنف في حياة تلك الأسرة بل لأسرة لينتون أيضا هى عندما تقدم ايدجار لخطبة كاثرين وهنا وقفت كاثرين في موقف لا تحسد علية وأصبح داخلها مسرح للنقاش بين حبها لهيثكليف وما يكلفها ذلك من حياة اجتماعية تعيسة وزواجها من ايدجار الذى يعطيها تلك المكانة لكنه يفقدها هذا الحب وهذا الشعور وبين تلك الصراعات اختارت المكانة عن الحب لكنها لم ينفصل حبها لهيثكليف أبدا لكن هيثكليف الذي تألم كثيرا في حياتة لم يعد قادر على الاذي ولا على بعد كاثرين فهرب من هذا البيت فور سماعة بزواج كاثرين وغاب ثلاث سنوات لا احد يعلم إلى أين ذهب ولا من أين أتى بهذا المال الكثير عاد هثكليف ليدمر الدنيا بأثرها عاد لينتقم من كل شيء وحول هاذين البيتين الى ما أشبة القلاع المهجورة المليئة بالأشباح والرعب عاد لينتقم لكنه لم ينسى محبوبته ولم تنساه كاثرين التي أحبته كثيرا وماتت على يدية من كثرة الحزن علية وهو الذي انتقم ممن ظلموه ولم يسلم من انتقامه الأبرياء.
وفى القصة الكثير من التفاصيل لكنى اختصرتها لطولها وعمق معانيها التي مهما حاولت أن تختصرها تجد نفسك عاجز عن وصف معانيها وجمالها ولكم بعض التحليل لأشخاص وأبطال القصة كي تصبح سهلة لكم في القراءة ومعرفتها أكثر.


الأب ايرنشاو لم يذكر كثيراُ فى القصة لكنه في اللحظات القليلة يتبين انه حمل الكثير من معاني الإنسانية عندما حمل على عاتقة تربية طفل وجده فى الشارع وهو يعرف انه بذلك يحمل الكثير من القلق والريبة لكنه فقط نظر لجانبه الإنساني قد يختلف مع البعض لهذا لكنه كما رأى هو ان يصبح إنسان بعيدا عن ديكور الحياة الاجتماعية وتحمل بغض التاريخ لدى ابنه هيندلى الذي رأى فيه سبب لدمار هذا البيت بأدخالة هيثكليف فيه.

هيندليذلك الابن المدلل والوحيد لأسرة ايرنشاو عاش حياة مترفة اجتماعية لكنه حمل بداخلة هذا الحسد والحقد لهيثكليف الذي رأى فية سارق ولو بعض جرعات السعادة منه عاش هندلى بعد وفاة أبية سكير وأضاع أملاك أبية ومات وحيداً ذليلاً.
كاثرين تلك الفتاة الجميلة الرقيقة التي لم تنزع منها إنسانيتها ولا حبها مهما أرادوا من حولها ذلك قد أحبت هيثكليف وتألمت لبعده؛ طعنته بخنجر الحياة الاجتماعية المزيفة وأعطته قبلة العشق على فراش الموت .
ايدجار هذا الشاب الأنيق الذي مثل رقى المجتمع الحضاري كما رأته كاثرين أحبها حباً لكنه كان يعلم أن قلبها ليس ملكه دفع ثمن كان لا يستحقه من انتقام هيثكليف العاصف.
ايزبيلا أخت اديجار فتاة رقيقة أوقعها هيثكليف في شباكه بحب زائف ومخادع دفعت ثمن كبير أيضا ليس لها يد فيه من عذاب هيثكليف لها.
جوزيف خادم ال ايرنشاو يمثل جانب الدين لكن بأسلوب قاسي كان يرى أن كل تلك الشرور عقاب اللاهي كان صارم شديد الطباع قاسى اللسان .
هيثكليف محور كل شيء لا تستطيع أن تتعاطف معه أو تمقته في نفس الوقت  والحقيقة أن اميلى برونتى لم تضع تصورها ولا تحليلها لأي من شخصيات الرواية وتركت لكل احد أن يضع تحليله لها من وجه نظرة الشخصية وهذا هو رمانة الإبداع في الرواية إلى جانب تضمنها لصور الحياة من الشر والحب والخير والانتقام ؛ أنها بالفعل ملحمة إنسانية قد غلب عليها الشر في مجملها وقليل من الحب المدفون في براكين الغضب لكنها تجعلك مستمتع كل الاستمتاع بقرأتها ومعرفه كل تفاصيلها .


أما الكتاب الذي قرأت أجزاء منه ولم استطع أن اكمله هي رواية( أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ الحائزة على جائزة نوبل  والحقيقة أن سبب قراءتي للرواية تلك الضجة التي اسمعها ما بين الحين والأخر عن الرواية وعندما ذهبت للرواية وبدأت أن أتصفحها منعتني نفسي من أكملها لأني في الحقيقة لمست أن الرواية تمس الذات الإلهية قد أكون خاطأ في تحليلي ذلك لكنه هذا ما تسرب إلى داخلي نتيجة التشابه الكبير بين الرواية وقصص القرآن وقصص الأنبياء حتى الذات الإلهية .


أما الكتاب الأخير الذي قراءته هو كتاب (كفاحي) وهو مذكرات شخصية لواحد من ابرز الشخصيات التي أثرت في تاريخ البشرية ألا وهو (ادلف هتلر) الزعيم الألماني ورئيس الحزب النازي ومسار الجدل والحكايات والأساطير في حياتة وبعد مماته عبر التاريخ الحديث.                                                                             
والحقيقة التي تقال فى تلك الكتب والتي تمس شخصية وكتبت بأيدي الشخصية ذاتها أنها قد تبعد عن الحقيقة أو بمعنى اخص تقدم الحقيقة او المعلومة من وجه واحد وقد تفتقد للحيادية والموضوعية لكن كتاب كفاحي وبعيداً عن هذا قد قدم بعض العبر والمعلومات المهمة والمؤثرة ومنها:

نشأته الفنية التي تربى عليه من أبية فقد كان ابية رسام واذكر هذا لأبين أن النشأة في أوقات كثيرة قد لا تكون مؤثرة وان التجارب والواقع قد يحول الإنسان إلى شخص أخر والحقيقة أن نشأة هتلر الفنية لم تؤثر عليه في الحياة الواقعية حيث تحولت تلك الريشة الى السلاح وتحولت الأحبار إلى الدماء والشيء الوحيد والغريب الذي ربطه بحبه للفن والرسم هو قيامه بسرقة جميع إبداعات اليهود من اللوحات الفنية ويضعها في مكان خفي تعرفوا علية بعد هزيمته .
 والفرق الواضح بينه وبين جيفارا أن جيفارا كان فنان في حياته وكان مناضل في ساحة القتال يعزف بسلاحه سنفونيه التحرير للشعوب المستعبده.
أما الملحوظة الثانية نجدها دائما في عاطفة الشعوب التي تستمتع بلغة الخطابة والصوت المؤثر التي تمس قلوبهم والتي تصل بهم في اغلب الأمور إلى نهايات مؤسفة .
الملحوظة الثالثة أن لغة الإقصاء لأي من مكونات المجتمع حتى لو أساءوا يكون نتيجته هزائم ونكسات لا تسترد ألا بعودة الكل إلى أحضان الوطن بغض النظر عن دينه ولونه وتوجهه السياسي.
الملحوظة الرابعة في الكتاب التي يذكرها هتلر عن الطبقة المثقفة والتي يقول على لسانه أنهم دائما ما ينادون بالديمقراطية والصناديق وعندما يفقدوها يلجأوا للشارع .
الملحوظة الخامسة أن الأعلام والصحافة دائما ما تكون خنجر فى ظهور الأوطان ان استغلها الأعداء.
الملحوظة الأخيرة أن النازية فكره لا تموت نحياها بداخلنا عندما تتعالا الآنا عندنا ونرى البعض اقل منا عندما يحولنا الكره إلى أن نمتلك صكوك الجنة والنار نعطيها حسب أهوائنا ونزاعتنا .

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

على ضي الشموع







على ضي الشموع
فى ليالي الشتاء حيث يصبح الليل وكأنه لا ينقضي حتى نعتقد أننا بلا نهاية قريبة لتلك الليلة ؛ وعن تجربه شخصية وجدت فيها نفسي فريسة لتلك الليالي  ففى اثناء الشتاء وبالأخص فى الريف ومع نزول اول قطرات المطر يقطع التيار الكهربائي ومن هنا تجد نفسك فى محيطك الداخلى والخارجى فى عالم يسودة الصمت القاتل وبما آنى تعودت على السهر فلم استطع النوم مبكرأ لكن السؤال كيف اقضي هذا الوقت الطويل؟ فلا اصدقاء ولا تلفاز ولا انترنت كل شيء يدعوك الى ان تخلد للنوم مبكراًكي لا يقتلك الملل لكني لم استسلم للنوم  فبحثت فى رأسي عن شيء يمضى هذا الوقت ويجعله سهل وممتع فتذكرت مكتبتى الصغيرة التى هجرتها منذ فترة كبيرة وبدأت ابحث فيها عن كتب من النوع الممتع الذي يأخذك الى عالم ارحب ينسيك ظلمه الليل وتمر معاها الساعات.
 فأخذت أول كتاب وكان بعنوان ( نساء في حياتي) للكاتب والصحفي محمد التابعي والذى عاش 
 فى عشرينات القرن الماضى وهى حكايات لتجارب شخصية صيغت بأسلوب فني راقي؛ وأخذت اضئ الشموع الشمعه تلو الاخري كي استطع القرأة ووجدت فى هذا الكتاب شئ من المتعه لما يصورة من حياة هادئة وراقية فى مصر والعالم فى تلك الحقبه.
فهذا الصحفي كان رحال بين دول العالم رغم مشقه السفر فكانت السفن الوسيله الوحيدة والقليله للسفر لكن هذا الصحفى كان محباً للسفر برغم كل شيء , وبدأت اقرأ أول تلك القصص وفيها يتكلم عن مقابله لفتاة يهودية فى فرنسا هاربه من الحكم النازي الذى كان موجود فى المانيا وكانت فتاه فقيرة تهيم على وجهها بين تعلم اللغة الفرنسية وبين الحصول على لقمة العيش فكانت مثال لأنفصال البنت عن الاسرة والمحيط والمجتمع التى تربت فيه فأصبحت فريسة لأطماعها اوقات وللظروف معيشتها اوقات اخري.

وقصه أخرى تحى عن فتاة فرنسيه تعرف عليها الكاتب فى فينا عاصمة النمسا وكانت فتاه كما رأها وكما يقال سليله الحسب والنسب تدار حولها الحكايات  وفى اثناء هذا التقارب عرضت عليه الفتاة ان تذهب معه الى مصر وتتزوجه وتعيش هناك لكن الكاتب استغرب من هذا لانه قد علم انها مخطوبه من رجل ثري ومن اسرة راقيه وبعد فترة من البعد عنها واثناء مشكله وقع فيها الكاتب ذهب لقسم الشرطة واثناء خروجة من القسم رأى تلك الفتاة مقيدة بالسلاسل فذهب اليها لكنها لم تجبه ونظرت له بقبح شديد وبعد ذلك علم الكاتب انها كانت سارقة وان مقولتها له بالذهاب لمصر انما كانت تريد الهرب من هذا الحال وان تبدأ حياة جديدة لكن الكاتب لم يعطيها هذا الوجه الاخر من الحياة.
وبما ان الكاتب كان حكاياته كلها تدور حول النساء فقد كانت الفتاة الجديدة فتاة سويديه كانت احبت رجل فرنسى لكنه تعرض لحادث ومات فيه وتقابل الكاتب معاها بالصدفة حين تجواله بالقرب من المقبرة العامة فى فرنسا ووجدها تبكى خطيبها الذي مات منذ سنين وبعد وقت كبير من التعارف ذهبت تلك الفتاة الى بلادها وعاد الكاتب الى مصر واثناء مشاهدته للسينما وجد تلك الفتاة فى طابور الجيش السويدى متقدمة الصفوف وكان الشبه الذى يراه الكاتب بينه وبينها انها احبت حباً بلا أمل وتعيش عليه وتمنع نفسها بان تفكر فى شيء غيره .
كما قابل الكاتب فتاة انجليزية كانت كما يقال امرأة نصف ملاك ونصف شيطان .. فالكاتب رأى فى وجهها ملاك محب وفى قلبها شيطان قبيح وكانه مصدقاً لقول الشاعر:ان الأفاعي و ان لانت ملامسها    عند التقلب في أنيابها العطب
وقصة أخرى عن فتاة  قابلها الكاتب فى ايطاليا كانت فتاة سويديه من اسرة ملكية تزوجت رجل فقير وهربت معه لكنه لم يقدرهذاالحب وتركها وحيدة تهيم  فى حياة مظلمة بعد الرخاء والاحترام وحين تعرفت على الكاتب كانت تلك الفتاة الجميلة تتعرض لأزمه مالية وصحية صعبه حتى وصل بها الحال الى استرداد قيمه بوكية من الورد كان الكاتب قد ارسله هدية لها فقامت بأرجاعة الى  محل الورود الذى اشتراه منه واشترت بثمنه  طعام 
تلك الفتاة التى تحولت حياتها من السراء والجاة والحياة الجميلة الى مأساة ومرض نتيجه لحبها الذى احبته وتحملت من اجله هذا كله .
اما الفتاة الاخيرة فى هذا الموضوع كانت فتاة انجليزية تعرف عليها فى فرنسا وكانت مثال للأحترام والوقار لكن الكاتب اثناء وجوده هناك  ذكر له بعض اليهود ان تلك الفتاة جاسوسة لالمانيا ولم يصدق الكاتب ولم يلتفت لهذا الكلام ولكن بعد عودته الى مصر وبعد فترة طويلة واثناء قرأته للصحف وجد اسمها وقد نفذ حكم الاعدام عليها وكان حيثيات الحكم انها جاسوسة فعلم الكاتب انها قد ضحت  بنفسها من اجل رجل احبته وسارت ورأة كما اراد فكانت نهايتهما كذلك.
.................                   ............................

أما الكتاب الاخر الذى قرأته أو بعض مقتطفات منه كان كتاب ( التاريخ الذي احمله على ظهرى) للكاتب سيد عويس وكان ايضأ فى عشرينيات القرن الماضى وهو عن سيرة ذاتية واجمل ما فيه هو هذا التجول والتأريخ لتلك الحقبه حكاها الكاتب فقط فى بيته حيث نشأ وتربى فكان بيته صورة من صور مصر حيث يحكى عن امه التى ذات مرة اغضبت والدة فعنفها شديداً وأمرها بالذهاب الى بيت ابيها ويصور كيف كان حال امه والايام تمر عليها والشهور ولا أحد يذهب اليها ولا يسأل عنها وبعد اكثر من سبعة اشهر جأت قريبه لزوجها تعرض عودتها فوجد الكاتب امة على اعتاب البيت قبل الزائرة ومن يومها هذا لم تخرج امه من بيت ابيه طائعة ومحبه ومربيه هذة صورة صغيرة مما حواة الكتاب من صور حيه للشوارع والبيوت والحياة السياسية كان مثله مثل رواية بين القصرين لنجيب محفوظ نفس الحكايات ونفس التوقيت الزمني.
......................            .......................
أما الكتاب الاخير الذى قرأت منه مقتطفات قصيرة لانه كتاب كبير بأسم (زمن الروايه) للكاتب جابر عصفور ويتناول الكاتب فى هذا الكتاب كيف كان وضع الرواية فى عشرينيات القرن الماضى مقارنه بالشعر فهو يرى او هو ما كان متعارف عليه ان الشعر فى قمه السلم الادبي من حيث الاحترام فنجد ان الشعراء فى هذا الوقت  او فى الحضارة العربيه بوجه عام كانوا فى قمه هرم المستوى الاجتماعى وقمه الاتصال بالشخصيات والعائلات السياسية الكبيرة ولنا فى صورة احمد شوقى الذى نصبه الشعراء اميرا عليهم فى احتفال كبير وكذلك حافظ ابراهيم , ومحمود سامى البارودي ومما يؤكد هذا الاتجاة ان محمد حسين هيكل والذى كتب أول رواية بالشكل الادبي المتعارف عليه وهى رواية (زينب) سنه 1913 صدرت الرواية ولم يضع الكاتب اسمه على تلك الرواية خوفاً من اهتزاز المكانه الاجتماعية لان الرواية التى كان متعارف عليها فى هذا الوقت هى اشبه بالمقامات فقط تكتب للفكاهها ولكن الكاتب وبعد انتشار فن الرواية اعاد اصدارها مرة اخرى ووضع اسمه عليها ويعتبر ظهور نجيب محفوظ ابداعاً لهذا الفن الذى اخذ المكانه من الشعر فى هذا الوقت واعتبر تسلم نجيب لجائزة نوبل مثلها كتسلم احمد شوقى لجائزة امير الشعراء لنعلم كيف تحول الحال فى الوسط الادبى من رفض تام لفن الرواية ووضعها فى مكانه ادبيه واجتماعية قليله لوضعها فى مكانه عالمية رصعها نجيب محفوظ بجائزة نوبل .
الحقيقة انها كانت ليله طويلة لكنها مرت بعجل بين صفحات الكتب والقصص وايقنت ان التكنولوجيا كما كانت لها فوائدها الجمه لكنها اصبحت عائق فى الوصول الى المتعة المعرفية وايقنت ايضا ان المجتمع المصرى فى الستينات كان فيه اعظم الكتاب ليس فقط للموهبة الفائقة لكن لكثرة القراء لأن الكتاب كان السبيل الاول للمعرفة وتبقى ان تصبح الحروف والكلمات هى  المعبر الحقيقى لمعرفة ممتعة وحقيقيه .