عناوين المواضيع

اعلن على الصفحة

الخميس، 17 نوفمبر 2011

جدلية الدوله


حالة من الجدل الدائر حول شكل  الدولة دينية أم مدنية وهذا شيء يثير الكثير من التشويه للأفكار التي لم تنضج بالفعل فنجد  أن اناس يحاصرون الأفكار التي مازلت في حضانة الثورة بمبدأ أن مدنية الدولة هي أن تصبح كافرة أو أن تبتعد على نهج الإسلام ولا أعلم كيف أتوا بهذه الأفكار البعيدة عن الواقع الإسلامي والواقع المصري بطبيعة الحال وطبيعة التاريخ؟
 فالشعب المصري هو شعب متدين بالفطرة حملت جيناته تلك الصفة منذ بداية وجود المصري منذ ألآف السنين
 فنجد انه في عصوره الأولى ظهر اخناتون ليدعو إلي الوحدانية تاركاً الحياة الدنيوية وتفرغ لهذا الهدف السامي وجاء إبراهيم _عليه السلام_ مصر وتزوج من السيدة هاجر التي أنجبت له إسماعيل الذي يرجع نسب نبينا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ اليه .
 ثم جاء يوسف من غياهب البئر إلى أن ملكه الله في مصر ملكاً كبيراً, ثم جاء موسي من نهر النجاة إلى بحر الهلاك لفرعون ومن معه , ثم أتت العائلة المقدسة إلى مصر التي أصبحت ملاذاً امن للسيدة مريم وطفلها السيد المسيح_ عليهم السلام_ , ثم تعرض المسيحيون للاضطهاد وللإبادة على أيدي الرومان فدخل المسلمون ليفتحوا مصر وليخلصوا المسيحيين من هذا الهلاك وبفعل أخلاق الإسلام تحولت مصر من دوله قبطية إلى دوله إسلامية ...
لم يفلح يوما كل الاستعمار الأجنبي أن يمحو من مصر تلك الصفة العظيمة التدين والإسلام حتى الهوية العربية فنجد أن مصر تعرضت لكثير من الاستعماربدايه من الاستعمار الانجليزي الذي ظل أكثر من ثمانين سنه حاولوا فيها أن يغيروا معالم الدين والهوية العربية ولم يستطيعوا, وكذلك لم تفلح الحملة الفرنسية وخيول نابليون التي استباحت الأزهر فذهبت خيول نابليون به إلى منفاه وأصبح الأزهر معلم الفكر الإسلامي في العالم
ولنا أن نسأل أنفسنا سؤال جوهري الم يكون بناء الازهر فى عهد الدولة الفاطمية ليحمل المذهب الشيعى فذهبت الدوله الفاطمية وبقى الازهر ذلك المعلم السني الكبيرفى العالم اجمع .

ثم جاء الغزو اليهودى لسيناء فكان النصر فى شهر رمضان متمسكين بأواصل الايمان مرددين الله اكبر
والجدير بالأهتمام ان مع قدم الشعب المصري الذى يصل الى سبعة الاف سنه مع ذلك كله اكدت الدراسات ان الدين فى مصر لم يتغير طيله تلك السنين الا مرتين ولم تتغير اللغة ايضاً الا مرتين ومع مقارنته بشعوب اخرى نجد ان الشعب البريطاني مثلا والذى لا يتجاوز تاريخة ابعد من ألفي سنه تغير الدين خلالها مرتين واللغة الى اربع مرات على الاقل , أما اسبانيا الذي يرجع تاريخها الى اكثر من الفين سنه تغير فيها الدين ثمان مرات واللغه ست مرات .
هذا تارخ مصر الذى يثبت ان مهما تتعرض له من ازمات وكوارث تحافظ على كيانها وهويته العربية والاسلامية
وعندما ننظر للإسلام بوجه عام ونرى هل كانت الدوله دينية ام مدنية وهل مثل هذا الاختلاف كما يراه البعض  مشكله للدوله الاسلامية على مر العصور؟
فنجد إن الإسلام أقام دولته على المؤسسية التى هى أهم أسس الدولة المدنية، فقد نجح الرسول الكريم محمد- صلى الله علية وسلم- فى أن يرسخ دولة المؤسسات، وأن يهيكل حكومته على اختيار الأصلح، ورسخ مبدأ الشورى الملزمة التى لا تختلف مع معانى الديمقراطية الحالية، وخلّص العرب من العشوائية السياسية والقبلية التى تتنازع على أتفه الأسباب، وكلنا يعلم كيف كانت أحوال العرب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا قبل بعثة الرسول الكريم.
إن التشريع الإسلامى وضع نظاما متكاملا لأسس الحياة، ووضع الخطوط العريضة للتعاملات، ورسخ المبادئ والأخلاقيات التى ترتفع وتسمو بالإنسانية، وأعطى الفرص للبشر أن ينظموا حياتهم بما يتناسب مع تطورات العصر، فالتشريعات الملزمة مثل الحدود والفرائض والحلال والحرام لا تزيد على نسبة 40 % من مجريات الحياة، بينما نجد أن هناك 60 % من تنظيمات الحياة البشرية، تقع تحت مظلة المصالح المرسلة التى ترك الله لعباده تنظيمها بالطبع بما لا يخالف مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.
كما أقر الإسلام الحرية الشخصية بمختلف درجاتها، لكنها مشروطة بالحفاظ على حرية الآخرين، ومبادئ المجتمع التى يتبناها، كما يقر المشروع المدنى الإسلامى حرية الاعتقاد ومبدأ المواطنة، فها هو النبى الكريم منذ اللحظه الأولى يحافظ على النسيج الوطنى لدولته بالمدينة ويوقع وثيقة مدنية من الطراز الأول، أقرت حقوق المخالفين له فى الاعتقاد، ووقع معاهدات مع اليهود من أجل دمجهم فى المشروع المدنى الإسلامى الذى تمتعوا من خلاله بكل مبادئ المواطنة، وظل المسلمون محافظين على عهودهم حتى نقض اليهود عهودهم.

 ويقف عمر بن الخطاب أمام بيت المقدس على أرض فلسطين ليكتب لهم الأمان الذي يسمى في التاريخ بالعهدة العمرية، قائلاً: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أهل إيليا -أي: أهل بيت المقدس- من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم، فكنائسهم لا تسكن ولا تهدم، ومن أراد من أهل إيليا أن يخرج فعليه الأمان حتى يبلغ مأمنه، على ما في هذا العهد أقر عمر، فعليه ذمة الله ورسوله والخلفاء والمؤمنين).
كما أقر المشروع المدنى الإسلامى الحرية العلمية، ولاقى العلماء فى ظل هذا المشروع كل المساعدة والتقدير، فما سمعنا عن عالم قُتل بسبب اختراع له كما فعل الغرب مع علمائه فى العصور المظلمة، لكن سمعنا عن الخلفاء الذين وصل تشجيعهم للعلماء، أن تصل عطاياهم لهم لأن توزن مؤلفاتهم بالذهب كما حدث فى العصر العباسى الثانى، بل أقر النبى الكريم هذه الحرية بموقفه من أمر النخيل فى المدينة؛ حيث استشاروه وأمرهم الرسول بمعالجة للنخيل تخالف معالجتهم المعتادة، وعندما لم تأت الثمار المطلوبة؛ علمهم النبى درسا مهمَّا أقر به الحرية العلمية؛ حيث أطلق الرسول كلمته المشهورة «أنتم أعلم بشؤون دنياكم» أى فتح باب الاجتهاد العلمى على مصراعيه أمام المسلمين، وطالبهم بتفعيل نعمة العقل.
أن مصر هي تلك العصور التي دائما ما حملت التواصل ولم تتغير, وإن الاسلام هو هذا الدين الذى يكمن فى  داخل كل مصري قد لا تظهر معالمه الشكلية اوقات لكنه يبقى بتعالمه الخالدة باقية ومتوهجة, وفى وقت الخطر تتحرك كل جوارحنا كي ننتصر له وبه .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق